أوضح معظم مالك، الرئيس التنفيذي لمنظمة "أنقذوا الأطفال"، أنّ الكارثة الإنسانية في غزة تكشف اختبارًا أخلاقيًا وسياسيًا أمام قادة العالم المجتمعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اختبارًا سيترك أثرًا على كيفية إدارة الحروب وتقديم المساعدات الإنسانية في العقود المقبلة.
ذكرت الجارديان أنّ إسرائيل استخدمت المساعدات الإنسانية أداةً للسيطرة منذ ما يقرب من عشرين عامًا. وأشار مالك إلى أنّه قاد مراجعة للوضع الإنساني في غزة عام 2008 حين فُرض الحصار، ونصح وزراء بريطانيين وقتها بضرورة تأمين وصول مستقل للمساعدات، لكن الحكومة تجاهلت توصياته. اليوم، وبعد إعلان المجاعة رسميًا في غزة لأول مرة في الشرق الأوسط، يهلك الأطفال جوعًا فيما تقف شاحنات المساعدات عبر الحدود.
شدد الكاتب على أنّ المجتمع الدولي يجب أن يتحرك لكسر الحصار بآليات حقيقية، لأن الإسقاط الجوي أو الطرق البحرية لا توفر حلولًا واسعة ومستدامة. دعا إلى إنشاء "شريان حياة رفح" على الحدود المصرية ـ الغزية تحت إشراف الأمم المتحدة أو تحالف دولي، مؤكدًا أنّ القيود الإسرائيلية يمكن تحديها كما حدث في سوابق سابقة.
استعرض النص تجربة مجلس الأمن عام 2014 حين أجاز آلية إنسانية عابرة للحدود في سوريا سمحت للأمم المتحدة بإيصال المساعدات لملايين المدنيين من دون موافقة حكومة دمشق، وأثبتت أنّ القانون الإنساني الدولي يمنح الشرعية لمثل هذه التدابير. كما ذكّر بعملية "شريان حياة السودان" خلال الثمانينيات حين تعاونت الأمم المتحدة مع المنظمات غير الحكومية والأطراف المتحاربة لإيصال المساعدات رغم غياب اتفاق سلام رسمي، وبجهود مماثلة بعد إعصار "نرجس" في ميانمار 2008 عندما مكّنت الدبلوماسية الدولية بقيادة دول آسيوية من تدفق الإغاثة.
أوضح الكاتب أنّ الوضع في غزة أكثر إلحاحًا. ففي ديسمبر 2023 أصدر مجلس الأمن القرار 2720 مطالبًا بفتح كل الطرق لإيصال المساعدات، لكن مع تصلب الموقف الإسرائيلي، بقيت المعابر مغلقة. معبر رفح صار الخيار الوحيد، غير أنّ سيطرة إسرائيل على جانبه الغزي جعلت العبور شبه متوقف: قوافل الإغاثة عالقة، إجلاء المرضى مرفوض، وجهود إنقاذ الأرواح محاصرة.
اقترح مالك آلية إنسانية دولية تعمل بالتنسيق مع مصر، بإدارة مشتركة للجانبين، وتخصيص الإمدادات الطارئة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتوزيعها عبر قنوات إنسانية معروفة. ومع تطوير البنية التحتية في رفح، يمكن ضمان تدفق واسع للمساعدات تحت إشراف شفاف، ما يرسخ مبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال، ويساعد الفلسطينيين على البقاء في أرضهم بكرامة.
أكد الكاتب أنّ العقبات السياسية حاضرة، خصوصًا من الأطراف الساعية لضم الأراضي الفلسطينية، لكن صمت المجتمع الدولي في وجه المجاعة يعني التواطؤ. الأمم المتحدة والدول الكبرى تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية في حماية المدنيين حين تعجز الحكومات أو ترفض، والامتناع عن التحرك يعني المشاركة في المأساة.
وصف مالك الوضع في غزة بأنّه غير قابل للتأجيل: أكثر من مليوني إنسان عالقين تحت الحصار والنيران، أكثر من 20 ألف طفل قُتلوا، 90% من المنازل والمدارس دُمرت أو تضررت، المستشفيات خرجت عن الخدمة بسبب القصف، والأطفال حُرموا من الغذاء والدواء والتعليم وحتى الحاجات الأساسية كالحفاضات والحليب. فرق "أنقذوا الأطفال" تؤكد أنّ الحرمان الممنهج من المساعدات يسحق حياة الصغار يوميًا.
دعا الكاتب إلى إنشاء آلية إنسانية مستقلة عابرة للحدود فورًا قبل أن يحصد الجوع مزيدًا من الأرواح. قال بوضوح: "الوقت انتهى، لا مجال لتصريحات فارغة. نحن بحاجة إلى شريان حياة رفح الآن".
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/sep/22/gaza-aid-israel-save-the-children-rafah-un-sudan-syria